وطاقت نفسه ، وتجمل في ليلة عيد ، وأعد ذبيحته ، وانتظر القادم ، ودارت الشمس ناحية الغرب.
أن تعرف النهاية ولو كانت محزنه ، أرحم ألا تعرفها إطلاقا ، وفي ليلة مهيبه ، تنعم بالهدوء المفرح ، والصخب المنتشي ، والزغاريد المطربه ، تزوج عبد الحكيم من نعيمه .
كان عاملا بالذره ، يعرف كيف يبذر حبة وينتظر القنديل مكتملا ، وحينما بذر ، جني وزوجته بنته البكريه ، وبذر مرة أخري ، فجاءته الأخري ، وبذر ، وجاءه القنديل ، والذي حمد الله عليه ليكون عونا في موسم الجفاف ، او ليكون بذرة يملأ منها الأرض عيالا .
علّمت منذ وعيت للدنيا ، ألا أنظر في عين رجل عقيم ، أو رجل خلفته كلها بنات ، فالحزن القادم منهما يصعقك ، ولا تقوي علي احتماله ، وعبد الحكيم لا إلي هؤلاء ولا إلي هؤلاء .
كان قنديله ، فارع الطول ، حبيباته تقوي علي الانتظار لمواسم الجوع دون أن تصرعها أي سوسة ، وككل القناديل التي في بلادنا ، ثار قنديل عبد الحكيم وقرر الخروج من الصومعه
انا هنزل مصر اشتغل
الرجال ضعاف أمام رغبات أولادهم ، وإن تعارضت معهم ، يعملون من أجل تلبيتها وإن أظهروا العكس .
يا ابني انت ناقصك حاجه هو احنا لينا انا وامك في الدنيا غيرك
وزاغ قنديل عبد الحكيم ، نزل مصر ، قرر أن يكون عبد الحكيم بصورة معاصرة ، وفي نهاية المطاف ، يعود ليسكن دار ابيه ويتزوج في ليلة مهيبة أخري ، ويرعي زوجته حتي يحين وقت الحصاد ، وهكذا تبدأ الحكايات وهكذا تكون النهايات أيضا .
النهايات مؤرقه كما البدايات تماما ، فالبدايه قلق وتخوف من عبد الحكيم ، ومع الوقت تعود ثم رضا فمراجعة للنفس .
ربنا يخلي مصطفي مش معوزنا حاجه يا نعيمه وقال انا ماكنتش عايزه يسيبنا
يصعب علي أي قنديل أن يغيب أكثر من شهر دون العوده لصومعته التي منها بدأ وإليها يعود ومنها يخرج تارة أخري ، يعود في أول رمضان ، والمولد ، وشم النسيم ، والعيدين ، وافراح الأقارب والأصدقاء .
وطاقت نفسه وتجمل في ليلة عيد ، وأعد ذبيحته ، وانتظر القادم ، ودارت الشمس ناحية الغرب ، وانقطعت أخبار ولده ، وابيضت عيناها من الحزن ، ،
عيد ؟ وبأي حال عدت وقنديلي لم يعد ؟ وماذا يملك البسطاء في أرض الله غير ساعات الانتظار ، وايام الانتظار بل وأسبوع كامل أيها العبد الحكيم مرت عليك ومرارة حلقك تمج في صدري وأنا أرقبك تهذي منتظرا .
انا هروح اشوف الواد يا نعيمه
لكل منا نظريته الخاصه ورؤيته والتي حينما تثاقل عليه الأحزان يستبد بها ويشرع في تنفيذها ، سار دون هدي ، يدفعه الحزن والشوق ناحية مصر ، أي رياح مثقلة بالمتاعب ساقتك يا هذا كي تسير علي قدميك موازيا لشريط السكه الحديد تفتش بين قضبانه عن ولدك ؟ من أوعز لك لكي تذوق مرارات الحزن والخوف واليأس كل لحظة ؟
ثلاثة شهور ماشيا من اواسط الصعيد حتي وصلت للمدينة العامرة ثم تأنيب نفسك والقرار الأصعب بالعوده من حيث أتيت علك قد تركت شبرا لم تقلعه بحثا باناملك .
شد حيلك ياعبد الحكيم احتسبه عند ربك
الانتظار مر ، فماذا عن اليأس ؟ وماذا عن نسوة ثلاث اتشحن بالسواد ، وابيضت عينا إحداهن حزنا ، وماذا عن رجل فقد قنديله في ليالي الشتاء المعتمه .
دا أنا حتي لو أشوفك ميت يا ابني هرتاح
ستة أشهر وشهر ، شهر هو أطولهم ليلا ، وأكثرهم حلكة ، وأشدهم مرا ، وأجزعهم صبرا ، وأقلهم نطقا ، وأيام وساعات ، ولحظات ثم ... ادعوا لأخيكم عبد الحكيم فأنه الآن يسأل .
في لحظات اليأس ، تصنع نهاياتنا ، ولو حتي لم تصنعها أيادينا ، فأن تعرف النهاية ولو كانت محزنه ، أرحم ألا تعرفها إطلاقا ، وهو لم ترحمه الأقدار فما عرف النهايه فراح يصنعها لكي يستريح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق