السمراواتان اللتان انعطفتا في مؤخرة الصف ، والفلاحة المسكينة التي ربطت فكها بمنديل من قماش لا أعرف من اين اتت به ، والممرضة التي أرهقت حاجبيها تحديدا ، وبشر لا يمكن أن تتخطاهم دون أن تدوس عليهم من كثرة الزحام
اللافتات تخطف بصري فأقرأها رغما عني ، " عاطف بسيوني " قلب وصدر ،ممدوح الوحش انف واذن ، محمد يحي حسان أخصائي عظام ، محمد عبد الصالحين طبيب أسنان .
وامي تمسك بيدي منذ أن خرجت من البيت ، فكها المتورم ومسحة الألم في عينيها لا تجعلني أقوي علي التركيز ، ما اسوا أن تنتظر بمريض في عيادة لطبيب مزدحمه ،وصك الرحمة تاخذه من فتاه تروح وتجيء في تقصع متعمد ، حينما تتحول كتل آدمية لأرقام تنتظر دورها في رحلة البحث عن الراحة
" فاطمه عبد الحميد " وكنت غائب عن الوعي اشغل نفسي بالسرحان بدلا من الانفجار بوجه تلك السمجه التي تتنقل عبر قنوات ميلودي لكي تتحدي الملل والذي قد شاركت في صناعته هي بصراخها الدائم للمرضي بأن عليهم الالتزام بالدور
شدت أمي علي يدي حينما كررت تلك البنت في عواء " فين فاطمه ؟ "
قمت واستندت أمي علي ، وتخطينا المفترشين للأرض ناحية غرفه كتب عليها وبخط رديء للغاية " حجرة الطبيب"
ازيك يا حاجه ، قالها مبتسما الطبيب وردت أمي بايماءة من يدها وبصوت منخفض الحمد لله يا بيه
في تخوف مفتعل رمق اسنانها وقال بهدوء " لازم نخلع الضرس "
ما تخافيش يا حاجه مش هتحسي بأي حاجه
نظرت لي وعاودت النظر للطبيب " وجع ساعه ولا كل ساعه "
لحظات وارتدي قفاز من البلاستيك وأفرغ سوائل شفافه بطبق لجوار الكرسي التي جلست عليه أمي ، ثم صرخة مدوية ، صمت أذني عن العالم ولم أفق إلا بصوت ارتطام بذلك الطبق المجاور لأمي ، واحمرار للسائل الشفاف بنفس الطبق
هتسيبي القطنه دي ساعه وتمضمضي لما توصلي البيت بالمضمضه اللي هكتبلك عليها وبعد اربع ساعات تقدري تاكلي بس بلاش الحاجات الساقعه
وودعنا بابتسامه مشابهه لتلك التي استقبلنا بها
ألف سلامه يا حاجه
وصلنا البيت واسترخت أمي وطلبت منها أن ترفع يدها من علي فكها ، وكلها ساعتين والموضوع يخلص
لحظات ودار زعاق خارج البيت وعلي اثره انتفض الجميع ، وتبعتهم لأتبينه وقبل أن أصل للمنطقه التي تمكنني من الرؤيه عاد المهرولون بخفي حنين يرددون " مافيش حاجه ، دي عدليه "
الاسم كفيل ان يقتل الفضول عندك لتكرار الواقعه ، عدليه تتشاجر مع ابن اخيها علي قطعة الأرض التي ورثتها وهو يقسم أنها باعتها إياها في واقعة زواجها الثالث .
منذ ان وعيت علي الدنيا وهذا السيناريو لا يتغير
يا حرامي هتروح من ربنا فان ، تاخدي أرضي بتاعة أبويا وتاكلها في كرشك ، إلهي لا توعي تتهنا بيها أنت ولا عيالك
وفي كل مره يقسم شعبان ابو محمد أن الأرض أرضه وأنه استعيب ان يكتب ورق مع عمته بالبيع
وفي كل مره يجتمع الشارع وينفض وعدليه لا تكل عن النواح والبكاء وتعيد نفس الكلمات وكأنك تشاهد حلقة معاده من مسلسل قديم
لكن هذه المرة زادت حدة العراك ، فشعبان يقسم انه سيقتلها ، وهي تقسم أنه سيبيت بالمركز
أنا زهقت منك والذوق مش نافع وعامل خاطر لأعمامي وابويا لكن يلعن ابو هم كلهم يا شيخه
ورحمة أبويا لأوديك المركز ويانا يا انت يا شعبان
لم يتدخل أي واحد هذه المره بينهم بكلمته المعهوده " عيب دا انتوا أهل " ربما اليأس ، ربما الملل ، ربما اللامبالاه
وظللت انا وحيدا أهيم بنظري بين عدليه وابن اخيها وانا مدرك لأول مره أن شعبان لن يمنحها الأرض إلا بقلع الضرس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق