السبت، سبتمبر ٠٣، ٢٠٠٥

منتصف الجنون

انت لم تجرب من قبل أن تقف علي حافة الجنون ، أن تنزلق قدمك - بارادتك - لتطأ ارضا تخلع فيها نعل عقلك . أن تسير فرحا وانت حافي العقل في زهو صبياني . كما لو أنك تمرح تحت المطر . أن تشعر بجسدك يخف ، وروحك تشف ، فلا تكاد تلمس الارض الجديده التي وطأتها - بكل ارادتك - أن تري العالم من فوق السحاب ، أن تكون غريق علي أرض صلبه .، وأن تتمني لو أنك اغني رجال العالم ، كي تعود لنسب الاغنياء ، أن تؤمن أن الموت مصيرك ، فتحاول الهرب منه ، أن تعلن أن جميع احبائك قد ماتوا ، لتتذكر أنك تجالس أحدهم . أن تلعن كاتبك الاثير ، ثم تقر بعبقريته . أن تنعجن جنونا ، ونزقا ، واتزانا ، وصراخا ، وصمتا ، وحبا ، وكرها ، وظلما ، وعدلا . أن تبكي حتي تختنق ملامحك ، وأن تضحك حتي الانفجار ، أن تكتشف أن رفاقك باعوك ، ثم تبادر بشراءهم . أن تذوب عشقا في محبوبتك ، ثم تدبر للخيانة . أن تؤمن أنك موهوب ، ثم تقرر الانتحار . أن تقرأ ماركيز ، ونجيب محفوظ ، والقعيد ، ويوسف ادريس ، ومستجاب ، وأبو النجا ، أن تحفظ المتنبي ، ونزار ، وناجي ، وعبد الصبور ، ودنقل ، وجاهين ، والحداد . أن تبحث عن عنوان " أشرف حسن " ثم تمزق كتابه . أن تفني عمرك في أوراق لا يقرأها إلا أنت ، ثم تجمَََعها كي تنشرها فوق حوائط بيتك . أن تقترض لتشتري الويسكي ، فتتقيأه عمدا . أن تحب " زعبر " فعلا ، وتدافع عن " ثابت أبو العبيط " أن تموت كمدا لموت " عبد الحميد شتا " وتستنكر بعد ذلك فعلته .
إن كنت قد جربت ذلك ، فأنت في مفترق الطريق ، والاسهم - الكثيرة - تشير إليك أن تتقدم للجنون ، أو ترتد تلبس نعل عقلك ، وألا تفني عمرك في الاوراق التي لا يقرأها إلا أنت ، ولا تبحث عن عنوان أحد ، ولا تحفظ حداد ، وجاهين ، ودنقل ، وعبد الصبور ، وناجي ، ونزار ، والمتنبي . ولا تقرأ أبو النجا ، ومستجاب ، ويوسف إدريس ، والقعيد ، ونجيب محفوظ ، وماركيز . لا تكتشف موهبتك أبدا ، ولا تذوب عشقا ، وأن تتجاهل بيع رفاقك لك ، ولا تضحك حتي لا تختنق ، ولا تنعجن إلا صمتا ، لا تعرف ما العبقرية ، ولا تجالس احباءك ، ولا تفكر في الموت ، ولا تسب الاغنياء ، ولا تغرق علي الارض الصلبة ، الارض الملعونة التي وطأتها بارادتك - بكل ارادتك -
وأن تسير في طمأنينة العجائز ، تتقي قطرات المطر ، أن تشعر بجسدك يعف ، وروحك تجف . أن تري العالم من الارض ، الارض التي تستطيع العوم عليها دون غرق
الثلاثاء 30/12/2003