ظللت استأنس بالمعاجم اللغوية فترة كبيرة في مرحلتي الثانوية ، فقد كان سؤال الاختيار من متعدد في مادة اللغة العربية ، صعبا للغاية لتشابه الاختيارات . ثم في فترات لاحقه حينما يعن علي لفظ عامي في كتابة قصة من القصص وأكون واثقا أنه لابد له اصل في لغتنا الفصيحه
الأَنس ، وهو مقابل الوحشة ، وهي كلمة توقع في نفسي الفرح دون أسباب . وهي من الكلمات الخطيرة عند نطقك بها دون مراعاة التشكيل اللغوي ، فعليك ان تحدد أي علامة ستضعها فوق حروف الكلمة الثلاث.
وقد تحورت الكلمة لغويا فاحتوت علي كثير من المفردات الأخري والتي دارت في نفس مدار معناها .
وفي معرض بحثي عن الكلمة ، وجدتها تحمل الكثير من المعاني ، فهي تعني ابصرت كما ورد في كتاب الله العزيز " إني آنست ناراَ" ، وقيل إن المَأْنُوسَةُ عامة هي النار لما فيها من استئناس وذهاب للوحشة لمن يراها وخاصة في ظلمات الليل .
واستأنس تعني الاستئذان كما جاء في الكتاب العزيز " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها " وروي ان ابن عباس كان يقرأها حتي تستأذنوا
والإنس هم البشر او جماعة الناس ، وحينما اضيفت لها تاء التأنيث فصارت أنسة أي التي لم تتزوج او الفتاة طيبة الحديث وجمعت علي أنسات أو أوانس ويبدو لجمعها الأخير صلة وثيقه بالجمع عوانس
كما جاء عن الكلمة " إيناس " أي اليقين ، ويبدو أن يوم الخميس منذ القدم وهو له مكانة خاصة إذ كان يسميه العرب مؤنسا لميلهم فيه للراحة والملاذ ، دون أن يذكر لسان العرب أي ملاذ يقصده .
وقد حمل الكثير من الناس اسم "أنس" ومشتقاته ، ويأتي علي رأسهم سيدنا " أنس بن مالك" رضي الله عنه ، والمنشد " أنس الغامدي " ، ولاعب كرة القدم السوداني " أنس النور" لكن يتربع في الوقت الحالي في أذهاننا جميعا " أنس الفقي " وزير الاعلام المصري السابق ، والذي ولا شك سيؤنس وحدة الكثير من أقرانه في سجن المزرعه.
وبعيدا عن وحشة " الأنس" السابق يأتي الفنان التشكيلي الجميل والخطاط الرائع " أنس عبد القادر " أحد عظماء الخط العربي في الوقت الحالي ، و الكاتب الذي تظل تقرأ له مواقفه " أنيس منصور " ثم تتوقف في فترة الخطوبه لتعاود مداومتك عليها بعد الزواج ، و " يوميات ونيس" العمل الاجتماعي الرائع للفنان محمد صبحي والذي قدمه للأسرة التي فقدت الأنس بين افرادها ، والمخرجه المعروفة " إيناس الدغيدي" وما لها من أفلام أنستها جموع المراهقين في دور العرض المصرية.
كما ارتبط " أنس " بكلمة الوجود لكي يطلق علي المرأة ، ولازال يبهر العالم " أنس الوجود " أو معبد فيله بعد تسميتها العربية بالاسم الذي يحمل في طياته أسطورة من أساطير ألف ليله وليلة .
ولن يغفل أحد في الفترة المقبلة السيدة " أنس الوجود عليوه" أبرز السيدات التي انتوت الترشح لمنصب رئيس الجمهورية المصرية لعام 2011 م
وفي خضم التطورات التي طرأت علي الكلمة ، جاء " الآنسون " والمعروف لنا بالينسون كمساعد علي تلطيف المعده المتقلصه . كما أن " آنسون "مدينة صينية بمقاطعة قويتشو جنوب غربي الصين، ولم يكن غريبا أن تعني الكلمة بالصيني "سلامة و استقرار ورخاء الدولة وتناغم أبناء الشعب "
كذلك قلبت أحيانا همزة الكلمة لواو لتصير كلمة فصيحة أيضا يتداولها العامة تحت اسم " الونس " ولا أنسي أن أول كتاب اشتريته بحر مالي كان كتاب " بعض الونس " للراحل العظيم " محمد مستجاب " .
وأكاد أجزم أنك تملك في زاوية من زوايا عقلك أسماء أصدقاءك الذين حظوا بالانضمام "لشلة الأنس " والتي تختلف قطعا عن " ليالي الأنس " في فيينا للمطربة أسمهان وأراك تتمتم معي الآن " أنا بتونس بيك " للفنانة وردة .
إلي هنا أستأنسكم في الانصراف ولكن يبقي " أنس " واحد هو الذي أستأنست به في وحشة أيامي الماضية ألا وهو " أنس مصطفي" باكورة انتاجي والذي جاءني حينما لم أجد من حولي أي أنيس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق