السبت، فبراير ٢٦، ٢٠١١

من أجلك أنت

دعوني استعير هذه الكلمة التي كانت اكذوبة وبغيضه لي شخصيا بل بغيضة جدا . لكن ها انا ذا اعيدها عليك بعد ان رأيت الاعلام المصري لازال يصر علي المسلسلات القديمة من معالجة الكوارث بالطبطبه علي كتف الضحية ، السؤال الذي طرحته علي نفسي لماذا هذا الاصرار الغريب من محاولة اعادة الشرطة للحياة وبكل هدوء وكأن شيئا لم يكن ؟ الله اعلم بالنوايا ولكن حسن النية لا يكفي أحيانا لصدق الافعال ، أو هكذا اؤمن أنا .

أخبرني صديق أنني مفرط في العدوانية واستنكر مني أن أظل علي موقفي من الشرطة المصرية التي هي الملاذ الوحيد للأمان في وطننا الغالي ولأنني خارج حدود الوطن فأتكلم وأنا يدي في المياه البارده أنا لست ضد ان تعود الشرطة لأنهم يتقاضون وسيتقاضون أجورا من الدولة علي هذا فليس من المنطق أن يتقاضوا أجورهم وهم في بيوتهم يتابعون الفضائيات ، ولكن الطريقة التي تعود بها هي وجه الخلاف والاختلاف ، ناهيك عن الاسلوب المقزز والمبني علي سذاجة مشاعرنا والمعلنه تحت شعار الطيبة والمسالمة من الشعب المصري ، ودون خوض في تجارب الماضي المريرة وبدون روح انتقامية ، كيف تطلب من ضحية أن يتغاضي عن حقه ويصفح مستدعيا نغمة مش هعمل كده تاني من الظباط ومن موروث إن بعض الضباط شرفاء .

هذا أمر لا أستطيع إنكاره ولذلك فعاملني من منطلق انساني ومنطقي وأخرج لي هؤلاء الشرفاء ليعودوا فورا للعمل ولكن أن تعاملني مستغلا عاطفيتي وتخبرني أن ما اقوله سيحدث فهذا هراء ، وتضليل وعادة سيئة لا يجب ان نصر عليها وهي أن نغلق أعيننا أمام الكارثة .

الأمر الأخطر أن تأمرني بنسيان الماضي وان أبدا صفحة جديدة تحت أي شعار ديني أو عقلاني أو زفت البرك فلن اقبله ، عليكم أن تصارحوني وتصارحوا أنفسكم .

القضية أكبر مما حدث أثناء الثورة وأكبر من انهم قتلوا الناس فهذا ليس بجديد وليست بالطبع في تلقي أوامر أو فتح سجون واستعانة بمجرمين صنعتها الشرطة علي أعينهم بل المشكلة تكمن في عقيدتهم فليس كل ظابط من عشر سنين سب أمك وتطاول عليك قد تلقي أوامر مباشرة من رئيسة بذلك ، ولا كل ظابط تعالي وتكبر وقتل مواطنين انتظر ليسأل رئيسه إن كان يقتل هذا أو لا

الموضوع أعمق من مجرد عودة الشرطة لممارسة عملها وخلاص ، كيف أامن علي نفسي وعليك من شخص جريح شعر مؤخرا بالاذلال أن يعود ليحميني ويحتضنني ؟ والموضوع ليس حربا صرنا نحن كمواطنين الطرف الأقوي فيها فندفع بأنفسنا لقتل الظباط والعساكر

وليس الأمر بهذه البساطة أن تعيد لي ظابط مستكين الآن والله اعلم لغاية ايمتي دون أن تقوم سلوكه الذي تربي عليه ولسنين طويلة آمن فيها أنه لا سلطان فوق سلطانه

أنت لا تقبل هذا دون إبداء معطيات وشواهد تؤكد لك ذلك كتغيير فلسفة الدراسة التي يدرسها هؤلاء ، تثقيف الجهاز كله بدوره الفعلي وحجمه الطبيعي ، ولا تخبرني أنهم يفعلون ذلك بالفعل فكلنا يعرف ما كان يحدث في الماضي ولو استغرق هذا الأمر شهورا بل سنينا فهو افضل من تعيدهم وفي عقيدتهم أن يوما ما سينقض عليك للثأر ، ولو أن كل الكلام الجميل كان يحدث لأنضمت الشرطة للمطالبين بحقوقهم بدل أن يقمعوهم أو يفروا منسحبين . لقد عاشت البلد في أمان دون الشرطة ولا تنخدع بقطيع البهائم الذين ساقوهم لترويع الناس فهذا عمل مدبر وليست نتيجة طبيعية لغيابهم .

وأخيرا هناك نموذج ليس ببعيد عنا في مصر هو النموذج السعودي لرجل الشرطة – الغير مسلح- إلا بدماثة الخلق والحس العالي والمتحضر لدورة الفعلي في خدمة الشعب ، حينما أدرك الناس أنه لن تهان ولن تسب حتي في أعلي حالات الاجرام صارت الأمور طبيعية بل أصبح إيمان الشعب أو حتي المقيمين السلوك المستقيم

وفي النهاية علي اجترار نغمات العطف والاستخفاف ، يحكي التاريخ أن الحجاج بن يوسف الثقفي أرسل العساكر لتحضر الامام سعيد بن جبير وكان أعلم أهل الأرض ائنذاك لكي يقتل فاقترب منه أحد العساكر وقال في حزن " يا شيخ هل أنا بما افعل الآن من أعوان الظلمة ؟ " قال له الامام " لا ....بل أنت من الظلمة أنفسهم "

ليست هناك تعليقات: