الجمعة، مارس ٢٥، ٢٠١١

خمس قصص لا تنتهي

ملعقة من حكي

ولدت وفي فمي ملعقة من الحكي ، هكذا أشعر وهكذا ألخص تاريخ حياتي ، الذين ولدوا بالقرب مني يعرفون الحكاية ، يعرفون معني أن تولد لتجد أمك رجل البيت ، ويعرفون معني أن تفتح علبة من الصفيح وتفرغ ما فيها من عملات معدنية لتعطيك رسوم الكتب ، وأن تبيع قطعة من الالمونيوم القديم لتشتري لك ملابس العيد ، وأن تمسك يدك وتحملك أحيانا ذهابا للطبيب ، وأن تكشف ثديها ورأسها لتدعي لك بالرزق والنجاح في مشهد فرعوني مهيب .

يعرفون متعة اجترار حكايا الماضي ، وعبقرية السرد ، وحرفية امتلاك الأدوات لكتابة سيرة ذاتية لأشخاص لم يقدر لك أن تراهم . يلمسون مشاعر حقيقية لذكريات جرت قبل الميلاد ، يدركون غصة الفراق حينما يكبرون ويقرروا الابتعاد عن حضن أمهاتهم . يحسون معني الغضب وهي تقول " فازت بها بنت بلا أم وولد بلا أب " .

هكذا تبدأ الحكايات علي لسان أمي ، مثل من ملايين الأمثال التي تسوقها وهي تحكي ، وتفضفض وتهمس وتصرخ وتضحك وتبكي وتجلس وتمشي . تحمل التاريخ في عناوين صغيرة لتختصر النهايات في كلمات وجيزة ، تبهرك برمزية مخيفة واستشراف للمستقبل غير مسبوق.

حينما اندفعت للحياة بكل طاقتي ، حذرتني " اللي ما يعرفش السقر يشويه" ، علمتني أن أواجه مصيري " وجع ساعة ولا كل ساعة " ، وأن لا أحزن علي ما فاتني " بيت الفلاح مليان بعزن " ، دست لي الحكمة وهي تراقب أصدقائي " الصديق قبل الطريق " ، نبهتني أن أكف عن التبذير " خد من التل يختل " . كبحت جماح رغبتي العارمة في الهجرة بعد أن فشل العالم كله اقناعي وهي تدمع قائلة " ما حدش بيغير قدره " .

............................

الغربة

الغربة كالثلج تذوب بمرور الوقت ، كم كنت مخطئا حينما كتبت ذلك . الغربة كالبحر كلما حاولت الغوص شعرت بضعفك وحنينك لشطئانه .

كم أنت موجعة ساعات الوداع ، أعاتق بعض الاصدقاء ولا اقوي علي رؤية الاخرين ، تنظر في عيون مودعيك لا تدرك لما كل هذا البكاء وليتك ادركت فشاركتهم بدلا من أن تبكي وحيدا تتلمس بيديك دموعهم في عرض البحر . علمونا كلمة وطن ولكنهم لم يعلمونا معناها حتي الاغاني الوطنية لا تقوي علي ترجمة الكلمة فالوطن قبل ان يكون اشخاص تفارقهم وبيوت وذكريات – ايا كانت تلك الذكريات – هو الفة وشعور صاف بانك في حضن امك ، هو شعورك لحظة ان ترمق المارة في رمسيس او العتبة وسط ذلك الزحام الكبير بأن احدهم يعرفك وأن أحدهم قريبك وأحدهم زميل دراسة قديم ، وأحدهم يخبرك أنك تشبه أحد أصحابه، الوطن هو أن تغير لهجتك الصعيدية أو الاسكندرانية أو البحراوية أو تبقي عليها ولا تشعر بالغربة ، الوطن هو أن تسافر من مكان لمكان بجلابية أو بدلة برابطة عنق ولا تشعر باي اختلاف ، الوطن أن يناديك شخص يا صعيدي ، يا فلاح لكنك في النهاية لا تمتعض من اي توصيف لك

الغربة ان تري نفسك عريانا بكامل ملابسك ، وان تشعر الوحدة في كلامك وان جاريت اللكنة المحيطة بك ، الغربة أن يناديك شخص – يا مصري –

كثيرة هي مفرادتنا وكثير ما نرددها دون الاحساس بها ، الغربة كانت واحدة من تلك المفردات التي ولدنا ونحن نرددها دون شعور بها ، حتي تلك المقدمة النمطية التي كتبتها كانت مجرد مفردات وإن لم تخلو من المشاعر الحقيقية .

الوجع الأكبر أن يتضخم شعور ما وبشكل مفاجيء دون سابق انذار حتي لو كان شعورا جميلا ، غربتي ودون إذن انقضت تفتك بحجرات قلبي ، لم تنتظر حتي ردة فعلي .

.................................

نصف جسد يزحف والاخر متعلق بعجلات القطار

مالت أشعه الشمس للانكسار ،تعملق ظلي ، أشبعت رغبتي في الإحساس بالعملقة ،

"المتعة الكبرى ألا تمهد للمتعة الكبرى" .وفي هذه الأثناء قفز عيَل في قلب ترعه لتبج بطنه بقايا لمبة نمره عشره.اندفع ذئب مختفيا من وقع أقدام محمد أبو فرج الله في ترب حوض 27.عوى كلب طنطاوي، صم آذان العالم جره باب دكان محمود أبو معوض، اقسم عبد الجيد أن رضا أبو سهيل يغش في الورق، فح مخبز كمال أبو عبد القوي متقيأ أدخنته الهبابيه ،

دوي حجر الدق من بيت زهره ، نط قط محدثا جلبه في الأواني الملقاة ببقاياها ليله خميس ، تدافعت الزفرات في تناغم لتطفئ لمبات الإشعال والاشتعال ، وضعت " بريطانيا " آخر قطعة من هدومها جنب السرير ، وضع محمد أبو عواطف طرف جلبابه بين أسنانه متوثبا لشيء ما بعيدا عن قضمه هذا الطرف بأنيابه ، أغمضت ستي عينها مصدره الاهه اليومية من لسعه القطرة ، لكزت أمي جنب أبي" شيخ طه فيه رجـِـل علي السطح، أطلق بكري أبو حسنين أول عيار ناري ، نطحت جاموسه عجل حاول الاقتراب منها بدار الحاج سيد ، أسرج عصمت أبو موسي آخر بغاله ،اخرس عويس مكنه الطحين.

وهنا جر علام نصف جسده مستعينا بيديه في حركته الاخطوبوطيه ، متجها للبوابة استدار كثعلب برأسه ، حتى حطت عينه علي العصا التي سيفتح بها الترباس وبدأ حركته الضفدعية

كنت قد اقتربت من ترباس بابنا ،أجرَه في حذر ،لأبدأ حركتي السلحفائيه

علام ؟! رايح فان دلوقت؟

ريقي ناشف قولت أمص عود قصب

هو فيه حد لسه كسر

نكسر إحنا

أمال أنت رايح فان؟

زهقان قلت اطلع في الطراوة

...................................

والحزن يعرف المباغته

كانت تشير بأصبعها الرقيق البالغ في الرقه ، ناحية ترعة صغيرة ، وينطق فمها الدقيق ، البالغ في الدقه ،بكلمة " بح . بح "ذراع أخضر ، يحاول أن يطول الماء ، بينما تقطفه يد قويه ، تضعه في حجرها ، ويد أخري تكمم الفاه ، المحاول عاجزا أن ينثر حروف لسانه الغض علي مسامع الراكبين بالعربه

تغمرني سعاده قصوي ، استجاب رئيس الوحدة الصحية لمطلبي لعمل جهاز يساعدني في الحركة

" مرج البحرين يلتقيان "

كيف قفزت براسي كل هذه الأفكار السوداء ، في اللحظة التي بدأت فيها الصغيرة بالبكاء ؟

" المتعة الكبري ألا تمهد للمتعة الكبري "

لماذا تذكرت ثابت الان ؟ اعوذ بالله

" دع عنك أمري فأن الركب مرتحل "

" بح . بح " واليد الملعونه لازالت تكمم الفاه

" كل نفس ذائقة الموت "

كيف يموت ثابت من أثر المخدر أثناء عملية نزع مسامير الركبه ؟

يستطيل الذراع الأخضرمقتربا تماما من سطح الماء ، بينما تأرن الكتاكيت بسطح بيت ستَي عند سماعها خبر موتها

الف مبروك يا استاذ ، لا يا دكتور ، جواب التنسيق بتاعك وصل

احنا اسفين كلية العلاج الطبيعي لا تقبل معاقين

" يتم عمل مقايسه لجهاز حركي للمذكور اعلاه بأقصي سرعه "

أنا اسف يا ابني العمليه كانت تنفع لو جيت بدري شويَه ، الجهاز يبَس رجلك وللاسف العمليه مالهاش أي فايده

بكره هتروح لفتحي عبد الفتاح علشان تنشر أول قصه ليك

بينما يرقد هو في العنايه المركزه لأحرم حتي من أن أكون لجواره

...................................

عنهم

هو يحلم أحلام العقلاء ، يحلم ببيت واستقرار ، وعمل من الثامنه صباحا حتي الثانيه ظهرا ليتيح له فرصة القراءه ، هو أعقل مني ومنك ومن نفسه أحيانا ، لا يطمع أن يكون غنيا فهو قنوع ، يعلم أنه موهوب ولا يسعي لشهرة كاتب ، لا ينتوي الهجره ، ولا يحبها ، هو صادق لحد الاكتئاب مع النفس ، اما أنا ......... فأسعي أن اكون ثريا لا أستطيع أن اخفي ذلك ، وأطمح للهجرة ، وأحلم ان اكون كاتبا مشهورا ، ربما مشكلتنا كما قال أننا لم نولد لأب يتاجر بالمخدرات ربما !!!!

..................................

" بزاف زوينه " ربما ليست المرة الأولي لي أن أكتب مفردات مستغربه ، ولكنها المرة الأولي فعلا التي تستهويني مفردات _ غير مصريه _ لدرجة أنني صرت أستخدمها في معرض حكاياتي اليوميه

...................................

" تخرب تعمر اياك تقوم قياماتهم حتي " كان تعليق (محمد الغبي) بمقهي " اللؤلؤة " علي ارتفاع سعر كيلو السكر من ثلاث جنيهات لثلاث جنيهات وربع

.........................................

" الشمس طلعت يا الحسين تعالي ، هجر حصانك علي القنا وتعالي ، تلقي العروسه في السرير نعسانه ، تلقي الصبيه مبخره وعطرانه " أم " محمد أبو جمعه " وهي تملأ أزيارها الست في الطريق المهجور بالمدابحه

.................................................

" بيت الفلاح مليان بعْزّن " _ سكّن العين وشدّد الزاي أرجوك _ أمي تختصر تاريخي وتاريخك

ليست هناك تعليقات: