الجمعة، نوفمبر ٠٣، ٢٠٠٦

إحنا مالنا

الجو هادئ ومنعش ونحن ننسحب من ضوضاء اجتماع المثقفين ووزيرهم متجهين ناحية الاتيليه يرقبنا الصغير والكبير ، الباعة وراكبي العربات الفارهه ، المتسولون والمتسولات ، حتي قطط القاهره الضاله ، ربما المشهد مثير فعلا ، رجل كبير وشاب يرتديان جلاليب من نوع خاص ومن قماش خاص ايضا ، ربما مشيتي ؟ ربما نظراته الذئبيه؟ ربما صوتنا العالي _ جدا _ في الضحك ؟ أو ربما لهجتنا التي ينقسم عليها الكثير من أبناء القاهره ، فما بين معجب ومنبهر ، وبين ساخر مستحضر كل النكات السمجه عن بلدياتنا
إنها ليلة رمضانيه جميله هذا كل ما استطيع أن اخبرك به دون شك ، كنا قد قررنا سلفا أنه في اللحظة التي سيداهمنا فيها الملل سنتوجه فورا لأقرب مكان يستطيع أن يغسل ذلك الملل وينزل أدرانه من علي أجسادنا
اصوات أولئك المتحمسين لاول ايام رمضان تعلو من مكبرات الصوت عند الاقتراب من كل مسجد ، كما أن اصواتا أخري متحينة الفرصة الرمضانيه لتخرج ما في جيبك وهو قليل .أصوات الباعة المتوثبين للقفز والنط والعدو ، عند سماع صفارات الأنذار ( البلديه ) لافتات اولئك الرابحين في معارك الانتخابات تخرج لسانها وتدعوك أنت بالذات دون اي أحد يسير لجوارك لأن تحضر مائدة الرحمن ، الفوانيس التي عجزت وهي تبحث عن طفل يمسك بها متغنيا وحوي يا وحوي وهو يدورها في الهواء فقررت هي أن تغني اي شئ لئلا تنقرض كما يفعل مطربونا هذه الأيام . في وسط كل هذا الصخب اجتررت أنا وهو الذكريات كل منا يرجع بذاكرته حيث يتسني له وحيث سماحية عمره ، هو يعود للستينات وانا أعود للثمانينات ، افران الكنافة الطينية وأدخنة البوص ، محمد رفعت قبيل المغرب ، النقشبندي بعد الاذان بهنيهه ، الأستعداد لصلاة العشاء ونزوح الصبيات لطلمبات المياه وحركتهن الواحده وهن يحملن الحلل الالمونيا لتصب للمتوضئين ، جلسات ما بعد الفروغ من التسبيح ، الطبلة الضخمة والتي لا ينادي عليك حاملها باسمك في ميوعة تسد نفسك عن وجبة السحور .
وقفنا ننعش رئاتنا بالهواء الذي ينبعث من لا مكان محدد عند مواجهتك لميدان طلعت حرب ، راعنا المشهد وهو ليس جديدا ، مشاجرة من تلك التي أنعم الله عليكم سكان القاهرة بمشاهدتها يوميا ولتكرارها أصبحتم كمن يلقي نظره علي فيلم أبيض وأسود عند ولوجه للمنزل ، فما يكون منه سوي الاستمرار متجها صوب غرفته ، اقتربنا أكثر
" عيب يا ولدي انت وهو هتقطعوا بعض علي أكياس زباله ؟ "
الثمانينات وإن كانت أحسن حالا من الان فهي لا ترقي للستينات فشددت علي يده
" يا عم احنا مالنا ما ياكلوا بعض "
رمقني بنظرة أعرفها
" ياكلوا بعض ؟ ما هم بكره هياكلوك "
انحدرت يشدني ناحية الأتيلية وحتي هذه اللحظة كلما مررت هناك يرن باذني " ما هم بكره هياكلوك "
لم أعي الكلمة إلا بعد عامين في نفس المكان كان أولئك الذين نهرته لئلا يمنعهم من الشجار في انتظاري لكي يفترسوني
8 رمضان سنة 2004 م

ليست هناك تعليقات: