الجمعة، مايو ٠٦، ٢٠١١

الفتنة المصرية

طبعا لا يستطيع أحد ايا كان أن يزايد علي وطنية أي شخص ممن وقفوا دروعا يحمون الوطن بميدان التحرير ، وقت أن كنا نحن المقيمين خارج مصر ننعم بالمشروبات الساخنه والبارده أمام شاشة الجزيرة – وقت أن أرادت أن تنقل الصورة من مصر بكل ما فيها – ولكن في النهاية كلنا مصريون ونعشق تراب هذا الوطن ، ولو سألت اي شخص خارج الوطن ما هي أمنيته وقت اندلاع الثورة لقال لك بالفم المليان " ارجع مصر " فليس أعظم من تحضر ولادة بلدك من جديد ، وقد هالني في ساعة مبكرة اليوم فيديو يتناقله الناس عن زيارة الاستاذه نوارة نجم للكنيسة أمس وانحناءها للبابا شنوده الثالث واستهجانهم هذا الأمر ولما كنت اعرف السيده نواره وأعرف نضج فكرها ورزانته قررت أن اكتب هذا المقال .

المشهد الان في مصر يعج بالمتناقضات والمتغيرات بل ان عجلة الأحداث تسير وبشكل متسارع للدرجة التي لا تجعل هاتفك الجوال يتحمل أكثر من سويعات كمية الأخبار التي يتلقاها في ذاكرته فتضطر أن تزيل بعض من الرسائل التي لا تفيد

لكنني أنظر من بعيد لقضية خطيرة للغاية وهي التي تلوح بين فترة وأخري وهي الفتنه الطائفية ، والتي يؤججها الغوغاء والمتدينين من الفريقين ، أقول المتدينين لا المتشددين ، لأنني لا أؤمن بوصف المتدين فما معني كلمة متدين بل ما مضادها إن صح التعبير فالطبيعي ان يمارس الانسان طقوس دينه وإلا فلما يعتنقه ويضعه في بطاقته ؟

معالجتنا للفتنه الطائفية هي أول قشة تقسم ظهر البعير ، فليس بالقصص وحدها سينقذ الموقف ، نعلم جميعا أننا طيبون وأن محمد هو صاحب جرجس وأن مدرسيك الذين تعتز بهم جدا في فترة من الفترات كانوا مسيحين ، وأن الطبيب المفضل لاحد الشيوخ مسيحي وأن وأن ولكن هل هذه فعلا أشياء تحل المشكلة ؟ اصلا ما يرويه جميعنا هي أمور حياتيه بحته حدثت وستحدث لأنها واقع ، لأننا في مصر مسيحيين ومسلمين فمن الطبيعي والوارد أن يكون منهم المهندس والطبيب والمدرس ولم يحكي أحد عن الفلاح والترزي والنجار والاسكافي والاف اخرين ولو كان بمصر يهود لحدث نفس الأمر انه التعايش وفقط ما نحكي عنه يا ساده

لكن هل هذا التعايش فقط هو من يحل الأزمه ؟ الأزمه تنشأ وتتسع هوتها حينما يغيب نظام يحدد العلاقات والواجبات والحقوق في هذا الوطن ، فالبابا شنوده حينما يرفض الخضوع لقرارات القضاء المصري فهو يوقد نار الفتنه ، والسلف وغيرهم من المسلمين الذين حتي لم يخرجوا في مظاهرات وايدوها بقلوبهم تستقوي علي الكنائس لأننا نحن المسلمين اكثر من المسيحين يشعلون الفتنه

حتي حينما نحاول بحسن نية أن نحل الأزمة نحلها بطريقة سينمائية ، كأن نحضر قداس الاخوة المسيحين في ليلة الميلاد ، أو أن نطالب علي الفيس بوك وتويتر بسرعة التحرك كمسلمين لحماية البابا شنوده لأنه وردت لنا أخبار عن مقتله

أنا لست ضد شخوص دينية ولكنني كنت أتمني قبل أن يقدم الوزراء وذوي السلطة للمحاكمات العادلة أن يمثل شيخ الأزهر والبابا شنودة لمحاكمة شعبية وعادلة من قبل المصريين لأنهم ساهموا بشكل كبير في ترويضنا للذبح من قبل النظام السابق ، فاذا كان المسلمون يتحدثون عن دولة المادة الثانية من الدستور فلما لا تحاكموا من هم رموز هذه الدولة لأن هذه الدولة لا تقدس أحد والقرأن الكريم يحذرنا كمسلمين من اتخاذ شيوخنا أربابا من دون الله فهم بشر يخطئون ويصيبون

وإذا كان المسيحيون يشعرون بالاضطهاد والظلم فلما لا يقدمون البابا للمحاكمة لأنه أول من مارس الاضطهاد والظلم علي الشعب المسيحي بمصر فقوض دورهم السياسي لمصلحة الكنيسه واعادنا لعصور بعيدة من الحكم البابوي الذي ثبت فشله مع السنين وهو ابعاد الشعب عن واقع الدولة والملاذ بالكنيسه كحل ولو في أتفه الأمور كأن يقاضي تاجر مسلم شخص مسيحي لدين له فيهرع راعي الكنيسه لحل الأزمه بدفع الدين !!!!!!!!!!

هذا التخبط والتشوش الفكري لدي الطرفين هو الأزمه والفتنه ، مع ما نخفيه جميعا في قلوبنا من حقد علي الطرف الثاني ، دعكم من الشعارات فأنها كالعطور تتلاشي رويدا رويدا .

استغلال الدين من الطرفين كارثه اعظم ، ولقد شاهدنا بأعيننا ما حدث في التعديلات الدستورية والتي تحولت لغزوة ويبدو أننا عشقنا مفردات بعينها في لغتنا فاعدناها للخدمة كالموقعة والغزوة ويا عالم ايه اللي جاي تاني

يجب أن يعترف المسيحيون أنهم اقل من المسلمين في هذا الوطن وهو اعتراف لا يقلل من شأنهم بالمرة ، ولا يجب الخوض في احصائيات لا طائل منها أو عائد سوي تأجيج نيران الحقد بقلوب الجميع ، كما أن المسلمين عليهم إدراك الحقيقة أن المسيحين ولو كانوا شخص واحد فهو شريك بالنصف مع باقي الثمانين مليون في هذا الوطن

يجب أن يدرك المسيحي أن ملاذه الوطن والقانون الذي يحكمه وليس الكنيسه التي قد تكون ملاذه طمعا في الجنه وهذه قضية لا تخص أحد غيره

ويجب أن يدرك المسلم أن القانون هو من يحكمنا حاليا وقبله يحكمنا العقل والفطرة السوية وقبل أن أمجد شيخا أو أنكر علي أخر يجب ان أرجع للقرأن والسنه وما اجتمع عليه جمهور العلماء وما تطمئن له نفسي ولا أجعل من ديني بكل ما فيه مجرد خناقه في كل عام هل زكاة الفطر تكون حبوبا او نقودا

يجب علينا كمصريين ان نتعايش دون فلسفات واختراعات وحساسيات ، فمن الطبيعي في وطن بكل هذا الحجم من السكان أن يعاكس شاب ايا كان فتاة ايا كانت ويمر الموضوع عاديا جدا حتي تظهر في الافق خانة الديانه فيصير الأمر حراما ، وتنشب المعارك ، ومن الطبيعي ان اتعارك معك لو كنت مسيحي وتغش في الميزان ليس لأنك مسيحي وليس لأني مسلم بل لاني بني ادم أرفض ان تضربني علي قفايا ، ولك حق أن تسبني وتتعارك معي لو كنت مسيحي ورفضت أن أوسع لك في مواصلة وقت الظهيرة وتنّحت في الكرسي دون أن اكون عابئا بك

يجب أن يكون الأمر طبيعي فخناقة اتنين من غير دين بعضهم ليست غزوا ولافتحا ، فهي خناقة يتحمل تبعيتها الاتنين المتخانقين

علينا أن ندرك اننا شعب متدين ولو لم يمارس الكثير منا الدين سوي يوم الجمعه والأحد فلا يمكن أن تقنعني أن تطرح موضوع وضع خانة مصري وفقط بدلا من الدين ويقبل بالأمر المسيحي قبل المسلم وهذا الهراء لا يفيد ولا يمكن ان تنتهي الفتنه لشعب فقد هويته انا مسلم وعليك أن تقبلني وانت مسيحي وعلي أن اقبلك واحترمك وهذا هو الحل الوحيد لهذه المشكلة القائمة والغير مفتعلة كما يشير بعض الساده الكتاب والمهتمين .

وفي النهاية علينا أن ندرك مسيحين ومسلمين أن أولئك الذين يقررون التخلي عن دينهم المسيحي او الاسلامي لمصلحة طرف لا ينفع طرفا ولا يضر أخر فلن يضيرنا او ينفعنا لأي الفريقين يريد أن ينتمي

كما أن أهم ما في الموضوع أن مصلحة المسيحي والمسلم هي الاتحاد لبناء وطن يسود فيه القانون والعدل ويطبق فيه علي الشيخ قبل الفاسد وعلي البابا قبل رعاياه قانون يطبق علي المصريين دون تمييز بجنس أو دين او لون

الاتحاد هو الحل

ليست هناك تعليقات: