السبت، يناير ٠٦، ٢٠٠٧

ذاكــــــــــرة الأنـف

يؤمن الكثير من بني البشر أنهم يأتون في مرتبة متأخره – قليلا – عن بعض الفصائل الأخري – حيوانية المنشأ – في حاسة الشم ، أول ما يتبادر لذهنك الان ، الكلب – دعك من الكلاب البوليسية – أذكر أمي حينما كنت صبيا أعدو في الشوارع تأمرني ألا أخاف الكلاب لأنها – الكلاب – تشم رائحة خوفي فتهاجمني .

والمختصون يعرفون علي وجه الدقة أن للحصان نفس القدرة التمييزية بالشم ، بل تجد حيوانات أقل شأنا من الكلاب والأحصنه تتميز بحاسة الشم مثل القطط والفئران .

في مرحلة مبكرة من تاريخ العلم ، لجأ الكيميائيون إلي الاستعانة بأنوفهم للتمييز بين الكيماويات ، أذكر – الان – رائحة عم " معُين " الذي عملت معه بإحدي المعامل كان " نوبيا " جميلا عمل فني معامل لما يزيد عن 40 سنه استطاع خلالها أن يكّون ذاكرة غير عادية للمواد الكيميائية فهو يخبرك بالمادة الكيميائية – أيا كانت – نعم أيا كانت بمجرد شمها أو لمسها أو رؤيتها .

نعود لما بدأته من أننا بني البشر نقع تحت وطأة الشعور بالتناقص تجاه هذه الحاسه ، حتي لاح في الأفق ما يعرف " بطب الروائح " عام 1937 علي يد العالم الفرنسي " رينيه " فظهرت في الافاق الكثير من الدراسات المختصة بالشم حتي وصلنا لمصطلح جديد عرف ائنذاك بإسم " ذاكرة الشم " Smell Memory ، بل لاحت للجميع ظاهرة الحالة المزاجيه وعلاقتها بالروائح

تتدحرج لذاكرتك لحظات – بعينها – تعمدت فيها أن تكون رائحتك طيبة مقبوله !!!!

الأنف ..... ذلك العضو المهم وإن اختلف بنو البشر عن كونه ذا شأن أو لا يحمل ذاكرة حديدية ، أراها أشد قوة من ذاكرة العين ،- لاحظ أنني تذكرت رائحة عم " معين " – دون أخوض في تفاصيل تشوش استمتاعي بتذكره ، ألا تتذكر رائحة مدرسيك تسبقهم قبيل أن " تعبّك " الجو رائحة الطبشور , أيا كانت رائحتهم مقبولة أو ..... لا . الا تتذكري صديقة لك بعينها لمجرد ان تشمي رائحة بعينها في مكان ما ؟

أنا شخصيا اعتدت أن أتلمس فرعونيتي عند كل مرة اتسلل فيها داخل الهرم ، في قُرانا اعتادت النساء الاحتفاظ " بهدوم " الموتي والركض ناحيتها بين حين وحين وشمّها – بعنف – وكأنهن يستحضرنهم وقتئذ . اعتدت أن أسير لمدرستي الابتدائية – القديمة – وشم " الدكك " وفورا أعود صبيا نحيلا أغوص في تلك " الدكك " . أنا عادة لا أعوّل علي ذاكرة المكان قدر إرجاعي التذكر للرائحة ، أذكر أول مرة اخترقت فيها شوارع القاهرة ، وأول مرة وقفت علي النيل ، هو نفس النيل الذي طالما ألقيت بجسدي فيه لكنني لم أعرفه بالقاهره ، حتي قرأت مؤخرا عن تجربة طريفه تمت لعشرين طفلا تم اختبار قدرتهم علي التذكر بالشم وتم تعرضهم لحلمتي ثدي غلفت إحداهما برائحة غير رائحة الاثداء الأخري فنفروا منها .

حاول أن تزور مدرستك الثانوية - إن كانت تظل كما تركتها - لتتحقق من ذاكرة أنفك ، أو لا ترهق نفسك قم باختبار انفك بزيارة صديق قديم اعتدت أن تخلو به في غرفته وستعرف أن أنفك كفيلة بتأجيج ذكرياتكما معا – دون الالتفات لذاكرة العين -

قد تخطئ معرفة شخص أو يتيه منك في خضم الحشو المتسارع لذاكرتك عند رؤيته ، لكنك أبدا لا تخطئ رائحته ، إنها ذاكرة الأنــــــــــف

هناك ٤ تعليقات:

كراكيب نـهـى مـحمود يقول...

وتهل ريحة الأماكن
ريحة الذكريات
ذاكرة الانف تماما كان نسمع لحن قديم يذكرنا باخرين
للذكريات صوت وطعم وريحة
تحياتي موضوع جميل

غير معرف يقول...

منذ فتره اتابع مدونتك وهي رائعه بصراحه يمكن علشان انت صعيدي ههههه انت مش عتفتكرني بس انا فاكراك لما كنت بجلابيه في الاتيليه ههههه اعتقد كده هتفتكرني هههههه

غير معرف يقول...

All senses create memories & you are right in the power of Smell Memory!

mostafa يقول...

الست نهي لا أستطيع أن أخبرك بذلك هناك حيث الزحام، الحزن غول لا تستطيعين مجابهته التحفي بفقط أحد هؤلاء الكثيرين الذين تحدثينا عنهم في مدونتك والحزن الذي يعرف المباغته " يعرف الممازحه " نعم هكذا قال من كسّر أحزاني في يوم ما