العين تعشق قبل القلب أحياناً ، ظل هذا المثل مقترناً بالحب من أول نظرة ومتناغماً إلي ان فاجأتنا الأحداث بسؤال المرحلة ائنذاك مين السبب في الحب القلب والا العين.
عليك بالهدوء والتروي واسترجاع شريط ذكرياتك إن كنا لا زلنا نملك شرائط ذكريات ولم نحولها لإسطوانات مضغوطه أو ملفات علي أجهزة الحاسب .
كنت أتخيل وانا طفل أن كتّاب موضوعات النصوص المدرسية هم أولئك المدرسين الذين يدرسون لي بالمدرسة ، كان خيالي نشطاً بشكل ملفت للانتباه ، فأنا من ارتديت طاقية الاخفاء التي جلبتها لي أمي من " عمَار سيدي القُرني " وكنت ، وكنت وكنت ، كذلك أنت متّعك الله بالعمر المديد لم تختلف عني في شيء إلا البيئة التي نشأت بها ربما .
ما أثار حفيظتي لسنين طويلة حتي توقفت عنه قهرا مني ، هو تخيل القادم ، ماهو شكل المدرس الجديد بتاع المادة الفلانية الذي سيدرس لنا من الاسبوع القادم ؟ شكل الناظر او الناظرة الجديده ؟ كيف سأبدو عند ارتدائي البدلة ؟ وكيف وكيف وكيف وملايين من الكيفييات التي تخيلتها انا وأنت ، وكم من المرات التي اصابتك الحقيقة بالصدمة وكم مرة انتشيت لصدق حدسك .
ساعدني هذا الأمر علي حب طاغية الكتابة يوسف إدريس ، وهو يصف المشهد الأثير لي عندما يعود لقريته ويصف الطريق من لحظة نزوله وحتي يصل لبيتهم وكيف عرف أن هناك جمعا من الأوز سيكون في استقبالي أنا أيضا .
حينما كان هذا شعورا عاما لجيل بأكمله قبل أن يدهسنا التليفزيون بفضائياته اللعينة التي قتلت الخيال لاحقا ، اعتمد شبابنا وفتياتنا علي قصص احسان عبد القدوس في تفريغ شحناتهم العاطفية والغرائزية معا حينما احتضنوا في أسرّتهم " البنات والصيف " .
متعة ما بعدها متعة ، تلك التي كنت استشعرها وأنا أرسم بمخيلتي صورة لكاتب أتابعه وأحب قراءته ، حتي هجم علينا التليفزيون بسيل من اللقاءات وبعدها سيل من البرامج الحوارية حتي تحول الأمر في نهاية المطاف لعالم من المتحدثين.
ظللت ثمان سنوات كاملة اقرأ واحة العربي بانتظام ممل ، وأهيم مع صاحبها " محمد مستجاب " وأنا أرسم له صورة بالقلب والعقل معا ، حتي حانت اللحظة التي اتهمته فيها ظلما بالتمثيل الدرامي لولا أن ساقت الأقدار ما أثبت براءة الرجل
ولكم حزنت حينما رأيت عمر طاهر العبقري في برنامج تليفزيوني يجاهد فيه للمحافظة علي روح عمر طاهر في كتاباته دون جدوي ، نوارة نجم تقرأها وانت لا تملك السيطرة علي نفسك من التركيز تارة والضحك تارة ولكن ماذا تفعل حينما تهب عليك في قناة التحرير سوي ان ادير ظهري أو القناة او الاثنين معا ، ابراهيم عيسي الذي أشعر به كأنه أخي تماما دون الالتفات لوجود شبه غريب بين شاربيهما ولكنني أتحاشي الجلوس أمامه وهو لا يكف عن تحريك يديه يذكرني بالحركة الشهيرة لأختي تحت رعاية أمي وهي تعجن في فجر يوم من الأيام التي كان يعجن فيها المصريون.
اذكر أول مرة رأيت فيها محمد صفاء عامر مؤلف أشهر المسلسلات الدرامية الصعيدية في القرن الماضي " ذئاب الجبل " وكيف أدركت ما سر عدم اقتناعي بالمسلسل رغم متابعتي للعبقري عبد الله غيث .
أول مرة رأيت فيها صاحب ليالي الحلمية يدخن السيجار الفخم وانا الذي كنت معتقدا أنه يقف لصف مفيد ابو الغار وليس مع المعلمة فضه المعداوي
اللحظة التي انسحبت فيها من مكتب أحد الكتاب بجريدة الأسبوع والذي كنت استشعره مناضلا ولم يقتل فرحة لقائي به سوي انشغاله بلف سيجارة حشيش .
صورة خالد كساب التي لم أستطع تحجيم تفكيري بها وأن أرجوه أن يهذب شعر رأسه قبل ان يعيد النظر فيما يكتبه اصلا .
رفقاء كثيرون حينما بدأنا رحلة التدوين عام 2005 ولما قدر لنا ان نلتقي واكتشاف الحقائق المُّرة .
أنا ، كاتب هذه السطور أعرف انك قد تندم لأنك تمنيت أن تشرب معي الشاي علي مقهي من مقاهي وسط البلد برغم ما اشيعه عن كرم اخلاقي وطيبة قلبي .
أنا أعرف تماما أن ما نكتبه لا علاقة له أحيانا بشخصياتنا وحياتنا واننا عموما لا نفصل بين الكاتب وابداعه ولا نستطيع الفصل بين ما يقدمه وحياته الشخصية ، ولكن أحيانا من مصلحة الكتاب أن يظلوا خيالات جميلة عالقة باذهان قرائهم
وألا يحاولوا الاقتراب من الصورة المرسومة في ذهن كل قاريء لأنه عن تجرية شخصية كلما اقتربوا كلما شوّهوا هذا البورتريه الجميل المصنوع من سطورهم ومفرداتهم